في معظم اوقات حياتي كنت اعلم من انا تحديدا ... اعلم ماهيتي وارى دوري واضحا في كادر الحياة , منذ طفولتي وحياتي كتاب مفتوح لي .. حين كنت في المرحلة الابتدائية لعبت دور زهرة الحائط الخجول - اعلم انه من الصعب على اصدقائي تصديق هذا - ولكن هذه هي الحقيقه كنت زهرة حائط متميزة جدا في الفصل , لا اتحدث مع احد ولا احب المعلمات , عند الضرورة اظهر نوع من انواع الجدعنة التي اراها الان غباء بتحمل العقاب عن احدى زميلاتي او بمشاركتها التذنيب في ركن الفصل ... بانتقالي الى المرحلة الاعدادية كنت قد مررت على محطة مهمة للغاية ... كان باب القراءة السحري قد فتح على مصراعيه امامي ليملأ فراغا حتميا كنت أشعر به ... كذلك صار انطلاقي من مكان لاخر متاح فكنت اقضي معظم النهار مع اخواي في النادي وفي مركز الطفولة فتحسنت قدراتي الاجتماعية الى حد كبير ونما معها حبي الجم للتسكع خارج المنزل وكراهيتي للبقاء فيه .. في نفس الفترة كنت تحولت الى نجمة في مدرستي , لا ادري كيف حدث هذا بالظبط لكني وجدت نفسي مسؤلة عن تحية العلم احدد من يصلح ومن لا يصلح , مسئولة عن قراءة الأخبار في الاذاعة المدرسية ومسئولة عن الاذاعة المدرسية نفسها وعضو في اتحاد طلاب المدرسة ولفترة عضوة في الشرطة المدرسية , وايضا وقتها كنت اعلم من انا في سيناريو الحياة وكنت متوائمة جدا مع دوري كالعادة ..... ثم جاءت القفزة الأوسع في حياتي بسفري لللإقامة في الخارج ... حقا ً ان جاز لي التعبير كانت ((أزبل ايام حياتي )) واضعها بين الأقواس للتحفظ .... لعبت وقتها دور البلهاء تماماً بلا ادنى مبالغة .... تخيل معي القفزة العبقرية من مجتمع الى اخر يختلف عنه بطريقة ( تشل ) وبحرفية الكلمة أصاب عقلي الشلل التام كنت اصدق ايا ما قيل لي .. انكمشت لفتره ثم القيت نفسي في قلب عالم المصريين هناك .. لم يمنع هذا استمراري في لعب دور البلهاء تماما , كانت الغربة قد انضجت صديقاتي المصرييات ليتحولن الى نوع من انواع ستات البيوت الصغيرات , كن لتاتات عجانات يتمتعن بكل مثالب ست بيت فاضية سوسة بتجيب في سيرة الخلق وفي سيرة بعضهن البعض وكنت انا لازلت أمارس طفولتي الطبيعية التي ستجدها عند اي خريجة لمدراس راهبات .. فن الاتيكيت الذي كنا ندرسه كل اسبوع واللغة الفرنسية الملتصقة باللسان وغياب اي موضوعات كدا واللا كدا ممكن تسمعها في اي مكان اخر - طبعا اصدقائي في ذهول لان كل هذا ذهب مع الريح ولكني الان اخبركم كيف اصبحت انا - لك ان تتخيل كيف تم التعامل معي في بادئ الامر كنت في نظرهم تلميذة النوتردام التي جاءت تتمنظر عليهم .. اعلنَّ الحرب علي بكل الوسائل المباحة وغير المباحة ..لتبدأ اولى حلقات مسلسل التنازل في حياتي ... كنت احتاج ان انتمى بشدة .. رغبت في قبولهن لي لاقصى درجة .. ربما وقتها لم احتمل ان يصبح داخل غربتي غربة .. تدريجيا تخليت عن كل ما كنت احمله من ذكريات مدرستي القديمة ... تحللت من الاتيكيت ... ومن اللغة الفرنسية ... توقفت عن الحديث عن المدرسة ... وصرت اراقب .. فقط اراقب طريقة كلامهن واسلوب تعاملهن لانتحله ليتم قبولي ...وتم , توقفن عن مضايقتي وادخلنني الى حياتهن ... الآن حين افكر ارى انها كانت العاب الطفولة والمراهقة القاسية ولم تكن حالة من الشر المتأصل كما كنت اعتقد ... طبعا للآن لم اتخلص من شبح اسلوب التعامل الذي اكتسبته منهم .. حالة من السوقية الخالصة التي ماكنت لأقبلها يوما ً , في ذلك الوقت صار التهامي للكتب مرضيا لم اكن اتوقف , كانت البديل والتذكار عن الوطن .. ذكريات موجعة صدقوني انتزعها من قلبي انتزاعا ً ... كنت غضة العود خضراء العقل تماما ً جاهزة لاستقبال اي رأي وكان حظي ان وقعت في براثن من لا يرحم ... د.نبيل فاروق ..... انا اكره هذا الرجل أشد الكره ... اشعل في قلبي حب الوطن والحديث عن المثاليات والمبادئ والعالم أحادي اللون .. ابيض او اسود .. خير وشر .. حولني الى اضحوكة تحلم بيوتوبيا او اجيبتوبيا ... لم يترك لي اي دفاعات تؤهلني لتقبل الحقيقة المرة لهذا البلد .. الحقيقة التي صفعتني عند التحاقي بالجامعة هنا .. كان يخدعنا وهو يعلم انه يخدعنا ,, لن اطيل في هذا الحوار المُر ولكن المحصلة الختامية له اني وقتها ايضا ً كنت مدركة تمام الادراك لدوري ولحدود معالمي ... التحاقي بالجامعة كان حدثا ً حافلا ً بكل مأساة يمكن تخيلها ولازال ولن أبدا في حدييثي عنه الآن ولكني كنت ايضا مدركة ولو الى حد ما من انا ...
الآن ... انا لا ادري من انا ... لا ارى مستقبل من اي نوع ولا اهتم بوجود واحد ... لا اقدر على استرجاع الماضي الا بمرارة ويأس .. ولا اطيق النظر الى الحاضر واحياه هكذا بحالة من المافيش .. لااطيق مغادرة منزلي او بالاحرى غرفتي ... ادادي نفسي كي استيقظ صباحا .. كي ارتدي ملابسي .. كي اتحادث مع احد اي احد ... ودوما صوت يدور في رأسي ... هو انا مين
الآن ... انا لا ادري من انا ... لا ارى مستقبل من اي نوع ولا اهتم بوجود واحد ... لا اقدر على استرجاع الماضي الا بمرارة ويأس .. ولا اطيق النظر الى الحاضر واحياه هكذا بحالة من المافيش .. لااطيق مغادرة منزلي او بالاحرى غرفتي ... ادادي نفسي كي استيقظ صباحا .. كي ارتدي ملابسي .. كي اتحادث مع احد اي احد ... ودوما صوت يدور في رأسي ... هو انا مين
Labels: mE