اعتذر عن التاخير ونعود من حيث انتهينا
الفلاش السادس
المكان : احد طرقات ابيار علي – ميقات اهل المدينة
الزمان : بعد العشاء بقليل
انا واقفة تحت عامود نور حواليا ماما وتلات ممرضات فلبينيات كانوا معانا في الاتوبيس
كان العلاج المقرر ليا اني اخد مسكن قوي و مضاد حيوي قوي كمان في الوريد وكان معاد الحقنة مرة كل 8 ساعات , وجه المعاد دا واحنا في ابيار علي , الحمد لله انا وامي كنا احرمنا من المدينة عشان ما نضطرش نتحرك كتير في الميقات , طبعا الاضاءة ماكانتش كافية في الاتوبيس و كان الحل اني اقف في الشارع تحت عامود النور اخد الحقنة , اخدتها في ضهر ايدي لان كان دا المكان الوحيد اللي ظاهر فيه اوردة
انا بضحك كل ما اشوفني وهما حواليا تحت عامود النور بيدوروا في دراعي على وريد ظاهر وبيدوني الحقنة , وقتها كان كل اللي بفكر فيه اني لما نرجع هاكتب عن أول مرة في كل حاجة وكانت دي هتبقى اول مرة اخد حقنة وانا واقفة في الشارع
ربنا فرجها وبعتلنا الممرضات التلاتة بجدعنتهم الواضحة
الفلاش السابع
المكان : الاتوبيس في مدخل مكة
فلاشة سريعة جوا الاتوبيس , بقالنا 8 ساعات واقفين في مكاننا والاتوبيس بيتحرك بمعدل متر كل ساعة , الناس نايمة كلها وانا ظهرت عليا اعراض كلوستورفوبيا وهتجنن خلاص , المكان مقفول والجو خنقة ومافيش امل في الحركة , السواق بينام وانا اللي بصحيه كل شوية عشان يحرك الاتوبيس المتر اللي فضي قدامنا
كان دخول مكة من اصعب الاوقات اللي عدت عليا في حياتي
الفلاش التامن
المكان : اخيرا مكة – الابواب الخلفية للحرم
الزمان : الساعة 12 والشمس كأحد ما يكون في كبد السماء
الاتويبس نزلنا بعيد عن الحرم .. بعيد اوي ... انا كنت في احط حالاتي الجسدية والعقلية , المشي في الشمس والمسافة الكبيرة اللي كانت نص كيلو متر تقريبا والمسكن القوي , امي كانت ماشية وشداني وراها وانا كان اقصى قوة عندي حطاها في التشبث بعبايتها عشان ما اتوهش منها
قدام ابواب الحرم كانت لحظة مرة ... مرة ... مرة ..... لحظة لما ماقدرتش ارفع رجلي عشان امشي ماكانش في اي حل ..... بعد ما وصلنا لحد هنا مش قادرة اكمل وادخل جوا ... عيطت وعيطت وعيطت .... حسيت ان الدنيا بتنطبق عليا .... امي العظيمة وبقوة ربنا قررت اننا لازم نجيب كرسي متحرك واننا مش هنيجي هنا وهنرجع , واول ما قعدت عالكرسي حسيت بالدونية ... بالضآلة ..... بالتفاهة ... حسيت بالذل لله والخضوع لقضاه ومشيئته .... حسيت انه اتكتبلي واتقالي مش هتدخلي عندي هنا ولا هتشوفي بيتي الا منحنية
وطبعا كان لازم نطوف من الدور التاني .... المسافة فوق 7 اضعاف المسافة تحت .. وانا على الكرسي وامي هي اللي بتزقني والحقيقة يا جماعة انا مش خفيفة اطلاقا ولايمكن وصفي بالضآلة او بصغر الحجم
وحسيت اني باموت عشان اللي انا عملاه في امي ... وعدت السبع اشواط في الشمس .. وانا بدعي في كل دقيقة منهم ان ربنا يبارك لأمي ويرزقها الجنة ... قعدت ادعي وادعي انها تدخل الجنة .... ماقدرتش حتى ادعي لنفسي ولا لأي حد تاني ... هي بس ... هي بس اللي دعيتلها ... سمعتها بتعيط ورايا وبتقول يارب .... وانا قولت ياارب معااها
وخلص الطواف وجه اوان السعي ... المكان زحمممممة والحركة بطيييييئة وامي بتزق وانا في الشوط التالت كنت فقدت الوعي تقريبا ... ماكنتش قادرة ادعي او اسبح او اعمل اي حاجة ... الحاجة الوحيدة اللي قدرت عليها كان كلمة ياااارب ... يااااارب .... يااااااارب
الفلاش التاسع
المكان : الاتوبيس
فلاشة سريعة ... انا وامي اول ناس خلصنا ورجعنا الاتوبيس .. انا على كرسي وامي بتزقني والشمس والتعب
حسينا ان ربنا معانا اوي ... كل الرجالة اللي في الاتوبيس دول واحنا اللي رجعنا الاول في ميعادنا وماكناش عبء على حد
كانت بشاير الفرج ابتدت تهل من عند الله
الفلاش العاشر
المكان : عرفات
الزمان : بعد العصر
قاعدين في الخيام انا نايمة على حجر امي في وداني سورة طه وعينيا في الفراغ وعقلي بيقول يارب وبيفتكر كل أمانة دعاء شيلتها من حد ... انا زهايمرية لكن افتكرت كل الناس .. كلهم ... ما نسيتش حد طلب مني دعوة ... دعيت ودعيت ودعيت ... دعيت لأمي العظيمة ولأبويا الصبور ... دعيت لأخواتي وأحبابي ودعيت لنفسي ... لحظة الدعاء دي كانت مهمة اوي عندي .. حسيت بالحماية واني متقوقعة في مكان ما تحت عرش الرحمن وان مافيش حاجة ابدا ممكن تحصلي ... حسيت اني عايزاها تدوم وتدوم وتدوم للأبد
الفلاش الحادي عشر
المكان : الجمرات
الزمان : الساعة اتنين صباحا
انا لسه مخلصة رمي جمرة العقبة ومصابة بالذهول .. بسأل ماما هو احنا رمينا الجمرات بجد .. كان رمي الجمار من اكتر اللحظات المخيفة في رحلتنا .. الحكاوي بتتنقل عن الزحمة الفظيعة وعن الناس اللي بتموت تحت الرجلين .. وكنا انا وامي بس .... احنا رمينا الجمرات في 3 دقايق بالظبط وانا كنت واقفة على سور الجمار كمان ... بيني وبينه سنتيمترات معدودة وماكانش في زحمة مخيفة ... انا من ذهولي ماكنتش متأكدة انا رميت كام جمرة بالظبط بس امي الباسلة قالتلي انها كانت مدياني 7 بالظبط
كانت نفحات الرحمة مغرقاني انا وامي حسينا بمعية الله والفرج اللي كان نازل
حسيت يعني ايه ان مع العسر يسرا
ان مع العسر يسرا
الفلاش الثاني عشر
المكان : الحرم
الزمان : فجر يوم العيد
وصلينا الفجر يومها في الحرم .. احلى عيد في حياتي كلها .. الصورة مش هتتمحي من عنيا مهما عدى من زمن .. الجو جميل وانا مفترشة الارض في الحرم .. والكعبة قدام عيني بيني وبينها خطوات , كان بقالي زمااان مافعدتش في الصحن .. كانوا مانعين الستات تصلي هنا اخر مرة جيت العمرة فيها ... كنت من كتر فرحتي هتجنن وانا قاعدة .. الجو جميييل والشمس لسه بتطلع والبلاط ساااااااقع وانا خفيت والكعبة قدامي .. كانت دي الجنة ليا وقعدت اشم الهوا والمس البلاط عشان احس اللحظة بأقصى استطاعتي
نفحات الرحمة كانت نازلة في المكان وانا حسيتها
يا رحمن يا رحمن يارحمن
المكان : منى
فلاشة سريعة .. بعد ما رمينا وطوفنا ورجعنا لاقينا ناس لسه داخلين الكامب رجعين من عرفات .. الطريق كان مقفول طول الليل ... الطريق اللي خدناه احنا في ساعة واحدة بس
ابتسامة متبادلة بيني وبين امي وعرفت اننا بنفكر في نفس الحاجة
ان بعد عسر يسرا
الفلاش الرابع عشر
المكان : بيتنا
انا بقول لبابا . هو ينفع اجي احج السنة الجاية كمان ؟
ابتسامة عريضة
---------------------------------------------------------------------------
هي دي الفلاشات المهمة ... واحنا راجعين وطالعين من مكة كان لسه في ناس بتدخلها بعد ما اتاخروا في عرفات
في النهاية كنا بقينا احنا وباقي الناس اللي في الاتوبيس عيلة واحدة .. بننام ونقوم مع بعض في نفس الخيمة – طبعا الستات يعني – والعلاقات مستمرة مع معظمهم لحد دلوقتي الحمد لله
طول ما انا في الحج كنت حاسة بوسوسة الشيطان شغالة عشان اتخانق وازعق مع الناس ومش كل الناس بتبقى مراعية الايام المفترجة وعظم المقام اللي احنا فيه وبيغلطوا جامد في اللي حواليهم لكن ربنا قواني وعداها على خير
رحلة قلبتني فوقيا تحتيا ... كل ما اجي اقع افتكر اني تعبت اوي اوي في الرحلة دي وما ينفعش اضيعها
تقبل الله و حج مبرور وذنب مغفور
كتابة جميلة ورائقة و الاهم مقدرتك على مجاهدة النفس ورفض الاحساس بالتعالي و الكبر
حاجة رائعة فعلا ربنا يقدرك على نفسك دايما يا دكتورة
اسامة